فصل: تفسير الآية رقم (26):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن المنذر عن السدي {فانكحوهن بإذن أهلهن} قال: بإذن مواليهن {وآتوهن أجورهن} قال: مهورهن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: المسافحات. المعلنات بالزنا و{المتخذات أخدان} ذات الخليل الواحد قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي، يقولون: أما ما ظهر منه فهو لؤم، وأما ما خفي فلا بأس بذلك. فأنزل الله: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام: 151].
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإذا أحصن} قال: إحصانها إسلامها». وقال علي: اجلدوهن. قال ابن أبي حاتم حديث منكر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود. أنه سئل عن أمة زنت وليس لها زوج، فقال: اجلدوها خمسين جلدة قال: إنها لم تحصن. قال: إسلامها إحصانها.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر قال: في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت {نصف ما على المحصنات من العذاب}.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قرأ {فإذا أَحْصَنَّ} بفتح الألف وقال: إحصانها إسلامها.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم {فإذا أحصن} قال: إذا أسلمن.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} قال: إذا أسلمن، وكان مجاهد يقرأ {فإذا أحصن} يقول: إذا تزوجن، ما لم تزوّج فلا حَدَّ عليها.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس أنه قرأها {فإذا أحصن} يعني برفع الألف يقول: أحصن بالأزواج. يقول: لا تجلد أمة حتى تزوّج.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس قال: إنما قال الله: {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن} فليس يكون عليها حد حتى تحصن.
وأخرج سعيد بن منصور وابن خزيمة والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على الأمة حد حتى تحصن بزوج، فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات» قال ابن خزيمة والبيهقي: رفعه خطأ. والصواب وقفه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ {فإذا أحصنَّ} يقول: فإذا تزوجن.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس. أنه كان لا يرى على الأمة حدًا حتى تُزوَّج زوجًا حرًا.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال اجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كان يضرب إماءَهُ الحد إذا زنين، تزوّجن أو لم يتزوجن.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: في بعض القراءة {فإن أتوا أو أتين بفاحشة}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال: خمسون جلدة، ولا نفي ولا رجم.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس قال: حد العبد يفتري على الحر أربعون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: العنت الزنا.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن العنت قال: الإثم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر:
رأيتك تبتغي عنتي وتسعى ** على الساعي عليّ بغير دخل

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد {وأن تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {وأن تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وأن تصبروا} عن نكاح الأمة خير، وهو حل لكم إسترقاق أولادهن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: أن تصبر ولا تنكح الأمة فيكون أولادك مملوكين فهو خير لك.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلًا.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير. مثله.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال: إذا نكح العبد الحرة فقد أعتق نصفه، وإذا نكح الحر الأمة فقد أرَقَّ نصفه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير، لا يحل إلا للمضطر. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال الألوسي:
ومن باب الإشارة الإجمالية في بعض الآيات السابقة: أنه سبحانه أشار بقوله عز من قائل: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ} إلى النهي عن التصرف في السفليات التي هي الأمهات التي قد تصرف فيها الآباء العلوية {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] من التدبير الإلهي في ازدواج الأرواح لضرورة الكمالات، فإن الركون إلى العالم السفلي يوجب مقت الحق سبحانه، وأشار سبحانه بتحريم المحصنات من النساء أي الأمور التي تميل إليها النفوس إلى تحريم طلب السالك مقامًا ناله غيره، وليس له قابلية لنيله، ومن هنا قوبل الكليم بالصعق لما سأل الرؤية، وقال شاعر الحقيقة المحمدية:
ولست مريدًا أرجعن بلن ترى ** ولست بطور كي يحركني الصدع

وقال سيدي ابن الفارض على لسانها:
وإذا سألتك أن أراك حقيقة ** فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى

ولقد أحسن بعض المحجوبين حيث يقول:
إذا لم تستطع شيئًا فدعه ** وجاوزه إلى ما تستطيع

وقال النيسابوري: المحصنات من النساء الدنيا حرمها الله تعالى على خلص عباده وأباح لهم بقوله: {إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم} تناول الأمور الضرورية من المأكل والمشرب {مُّحْصِنِينَ} أي حرائر من الدنيا وما فيها {غَيْرَ مسافحين} في الطلب مياه الوجوه، ثم أمرهم إذا استمتعوا بشيء من ذلك بأن يؤدوا حقوقه من الشكر والطاعة والذكر مثلًا، وعلى هذا النمط ما في سائر الآيات، ولم يظهر لي في البنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت والمرضعات والأخوات من الرضاع والربائب والجمع بين الأختين ما ينشرح له الخاطر وتبتهج به الضمائر ولا شبهة لي في أن لله تعالى عبادًا يعرفونه على التحقيق ولكنهم في الزوايا، وكم في الزوايا من خبايا، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. اهـ.

.تفسير الآية رقم (26):

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أتم سبحانه الحلال والحرام من هذه الحدود والأحكام، وختمها بصفة الرحمة بين ما أراد بها من موجبات الرحمة تذكيرًا بالنعمة لتشكر، وتحذيرًا من أن تنسى فتكفر فقال تعالى: {يريد الله} أي الملك الأعظم إنزال هذه الأحكام على هذا النظام {ليبين لكم} أي ليوقع لكم البيان الشافي فيما لكم وعليكم من شرائع الدين {ويهديكم} أي يعرفكم {سنن} أي طرق {الذين} ولما كان المراد بعض الماضين قال: {من قبلكم} أي من أهل الكتاب: الأنبياء وأتباعهم {ويتوب عليكم} أي يرجع بكم عن كل ما لا يرضيه، لاسيما ما يجر إلى المقاطعة- مثل منع النساء والأطفال الإرث، ومثل نكاح ما يحرم نكاحه وغير ذلك، فأعلمهم بهذا أنهم لم يخصهم بهذه التكاليف، بل يسلك بهم فيها صراط الذين أنعم عليهم ليكون ذلك أدعى لهم إلى القبول وأعون على الامتثال، وليتحققوا أن إلقاء أهل الكتاب الشبه إليهم وتذكيرهم بالأضغان لإرادة إلقاء العداوة محض حسد لمشاركتهم لهم في مننهم إذ هدوا لسننهم، وما أحسن ختم ذلك بقوله: {والله} أي المحيط بأوصاف الكمال {عليم حكيم} فلا يشرع لكم شيئًا إلا وهو في غاية الإحكام.
فاعملوا به يوصلكم إلى دار السلام.
بيان ذلك أن ما في هذه السورة الأمر بالتقوى والحث عليها، وبيان الفرائض وأمر الزناة، وما يحل ويحرم من النساء، والتحري في الأموال، والإحسان إلى الناس، لاسيما الأيتام والوالدين، والإذعان للأحكام، وتحريم القتل، والأمر بالعدل في الشهادة وغيرها، وكل ذلك مبين أصوله في التوراة كما هو مبثوث في هذا الديوان عن نصوصها في المواضع اللائقة به، لكن القرآن أحسن بيانًا وأبلغ تبيانًا وأبدع شأنًا وألطف عبارة وأدق إشارة، وأعجب ذلك أن سبب إنزال فرائض الميراث في شريعتنا النساء، ففي الصحيحين وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال: «مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاني وقد أغمي عليّ» وفي رواية البخاري في التفسير: «عادني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ فصب عليّ وضوءه فأفقت، فقلت: يا رسول الله! كيف أصنع في مالي؟» وفي رواية لمسلم: «إنما يرثني كلالة فلم يجبني بشيء» وفي رواية الترمذي: «وكانت لي تسع أخوات حتى نزلت آية الميراث» وفي رواية للبخاري: فنزلت وفي رواية للترمذي: «حتى نزلت {يوصيكم الله في أولادكم}» وفي رواية للترمذي: حتى نزلت آية الميراث {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} الآية، وقال: حديث صحيح.
ولأبي داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «جاءت امرأة سعد بن ربيع بابنتيها من سعد رضي الله عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: يقضي الله عز وجل في ذلك، فنزلت آية الميراث» وفي رواية أبي داود: ونزلت الآية في سورة النساء، {يوصيكم الله في أولادكم} وفي رواية الدارقطني: «فنزلت سورة النساء، وفيها {يوصيكم الله في أولادكم} إلى آخر الآية- فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك» وفي رواية للدارقطني: «إن امرأة سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله! إن سعدًا هلك وترك ابنتين وأخاه فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد، وإنما تنكح النساء على أموالهن، فلم يجبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه ذلك، ثم جاءته فقالت: يا رسول الله! ابنتا سعد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعي لي أخاه! فجاء فقال: ادفع إلى ابنتيه الثلثين، وإلى امرأته الثمن، ولك ما بقي» وقال شيخنا حافظ عصره أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر في الإصابة في أسماء الصحابة: روى أبو الشيخ في تفسيره من طريق عبد الله بن الأجلح الكندي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الأولاد الصغار حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت، وترك بنتين وابنًا صغيرًا، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقالت امرأته للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فأنزل الله تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} [النساء: 7] فأرسل إلى خالد وعرفطة فقال: لا تحركا من الميراث شيئًا» ورواه أبو الشيخ من وجه آخر فقال: قتادة وعرفطة ورواه الثعلبي في تفسيره فقال: سويد وعرفطة، ووقع عنده أنهما أخوا أوس: ورواه مقاتل في تفسيره لفقال: إن أوس بن مالك توفي يوم أحد وترك امرأته أم كجة وبنتين فذكر القصة وذكر شيخنا في تخريج أحاديث الكشاف أن الثعلبي والبغوي ساقا بلا سند أن أوس بن الصامت الأنصاري ترك امرأته أم كجة وثلاث بنات، فزوى ابنا عمه سويد وعرفطه أو قتادة وعرفجة ميراثة عنهن، وكان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الأطفال ويقولون: لا يرث إلا من طاعن بالرماح، وذاد عن الحوزة، وحاز الغنيمة، فجاءت أم كجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفضيخ، فشكت إليه، فقال: ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله، فنزلت {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} [النساء: 7] فبعث إليهما: لا تفرقا من مال أوس شيئًا، فإن الله قد جعل لهن نصيبًا، ولم يبين حتى نزلت {يوصيكم الله في أولادكم} الآية، فأعطى أم كجة الثمن والبنات الثلثين والباقي لابني العم.